الحيز الحضري والنزاع الطائفي
By Simon Mabon
المجتمعات الحضرية والخلافات الطائفية
في السنوات الأخيرة، تشكلت السياسة في الشرق الأوسط استنادا إلى أشكال من التنافس بين الحركات الاجتماعية التي أدت إلى إعادة تصور العلاقات بين الحكام والشعوب. في هذه المجتمعات المنقسمة، بات هذا الخلاف واسع الانتشار بشكل متزايد، مع ظهور تداعيات خطيرة على جميع جوانب الحياة السياسية. وسبق أن تصدرت الهويات الدينية مكانة بارزة في تنظيم الحياة السياسية لا سيما في المجتمعات المنقسمة مثل لبنان والعراق. ومع اندلاع الاحتجاجات خلال 2015 فيما أصبح يُعرف باسم حركة "طلعت ريحكتكم" في جميع أنحاء لبنان. إبان عام 2018 في جميع أنحاء العراق، أصبح الدين مثار خلاف، كما اكتسبت قضايا مثل توافر السلع العامة والفساد زخماَ شعبياً في أواسط الرأي العام العراقي وقادت إلى حشد وتأجيج الجهات الفاعلة العابرة للطوائف عبر البيئات الحضرية والمشاريع السياسية على نطاق أوسع.
يقطن 65 ٪ من سكان الشرق الأوسط المدن مما يجعل البيئات الحضرية مواقع حاضنة ومحفزة للمشاركة السياسية والمشاريع الاجتماعية التي تُعد أيضا وسيلة للإنتاج والسيطرة. إلا أنه في جميع أنحاء المنطقة، أصبحت البيئات الحضرية مصدراً للتوتر وتنازع بين الحكام وشعوبهم وهي علاقة شهدت تغيرات وتحولات هائلة من قبل المتظاهرين والأنظمة على حد سواء حيث سعت الجهات الفاعلة إلى إضفاء مظاهر الشرعية والسلطة. لكنها أيضا تعكس أوضاعا مألوفة، فالحياة اليومية تسير في إطار الهياكل التنظيمية. في هذا السياق، ينشأ الخلاف والتحول في المشاريع السياسية والهويات والبيئات الحضرية، مع احتمالية التسبب في تداعيات بعيدة الأمد.
يعكس هذا التقرير الأبعاد الحضرية للمتظاهرين المتمثلة في إعادة تصور شكل الهويات في الشرق الأوسط المعاصر، كما يسعى إلى مقارنة الأحداث في الشرق الأوسط بأخرى داخل مجتمعات تشهد انقسامات شديدة والمشاركة في إيجاد إجابات للتساؤلات الآتية: ما هو الدور الذي تلعبه المساحات الحضرية في تشكيل عمليات التنازع؟ كيف غيرت هذه الخلافات المساحات الحضرية؟ إلى أي مدى يساعد الحيز المكاني في فهمنا للخلاف ونزع الطائفية؟ ما هي العوامل التي تؤجج التنازع على المساحات الحضرية؟ ما هي الأساليب النظرية التي تساعدنا على فهم العلاقة بين المجتمع الحضري وبناء الهوية؟
تم كتابة هذا التقرير أثناء انعقاد ورشة عمل استمرت ليوم واحد فقط وعُقدت في جامعة لانكستر بالتعاون مع جامعة كوينز في بلفاست والتي نظمها البروفيسور سايمون مابون والبروفيسور جون ناجل